responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 65
[سُورَة الرّوم (30) : الْآيَات 17 إِلَى 18]
فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17) وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ (18)
الْفَاءُ تَقْتَضِي اتِّصَالَ مَا بَعْدَهَا بِمَا قَبْلَهَا وَهِيَ فَاءٌ فَصِيحَةٌ، أَوْ عَطْفَ تَفْرِيعٍ عَلَى مَا قَبْلَهَا وَقَدْ كَانَ أَوَّلُ الْكَلَامِ قَوْلَهُ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ [الرّوم: 8] ، وَالضَّمِيرُ عَائِدٌ إِلَى أَكْثَرِ النَّاسِ فِي قَوْلِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ [الرّوم: 6] وَالْمُرَادُ بِهِمُ الْكُفَّارُ فَالتَّفْرِيعُ أَو الإفصاح ناشىء عَنْ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمَقْصُود من فَسُبْحانَ اللَّهِ إِنْشَاءَ تَنْزِيهِ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّا نَسَبُوهُ إِلَيْهِ مِنَ الْعَجْزِ عَنْ إِحْيَاءِ النَّاسِ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَإِنْشَاءَ ثَنَاءٍ عَلَيْهِ.
وَالْخِطَابُ فِي تُمْسُونَ وتُصْبِحُونَ تَابِعٌ لِلْخِطَابِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي قَوْلِهِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [الرّوم: 11] ، وَهُوَ مُوَجَّهٌ إِلَى الْمُشْرِكِينَ عَلَى طَرِيقَةِ الِالْتِفَاتِ مِنْ ضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ الْمُبْتَدِئَةِ مِنْ قَوْلِهِ أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ [الرّوم: 8] إِلَى آخِرِهَا كَمَا عَلِمْتَ آنِفًا. وَهَذَا هُوَ الْأَنْسَبُ بِاسْتِعْمَالِ مَصْدَرِ (سُبْحَانَ) فِي مَوَاقِعِ اسْتِعْمَالِهِ فِي الْكَلَامِ وَفِي الْقُرْآنِ مِثْلَ قَوْلِهِ تَعَالَى سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: 67] وَهُوَ الْغَالِبُ فِي اسْتِعْمَالِ مَصْدَرِ سُبْحَانَ فِي الْكَلَامِ إِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ كَمَا تَقْتَضِيهِ أَقْوَالُ أَيِمَّةِ اللُّغَةِ. وَهَذَا غَيْرُ اسْتِعْمَالِ نَحْوَ قَوْلِهِ تَعَالَى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ [الطّور: 48] وَقَوْلِ الْأَعْشَى فِي دَالِيِّتِهِ:
وَسَبِّحْ عَلَى حِينِ الْعَشِّيَاتِ وَالضُّحَى وَقَوْلُهُ حِينَ تُمْسُونَ، وحِينَ تُصْبِحُونَ [النُّور: 58] ، وعَشِيًّا، وحِينَ تُظْهِرُونَ ظُرُوفٌ مُتَعَلِّقَةٌ بِمَا فِي إِنْشَاءِ التَّنْزِيهِ مِنْ مَعْنَى الْفِعْلِ، أَيْ يُنْشَأُ تَنْزِيهُ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْأَوْقَاتِ
وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الَّتِي يَتَجَزَّأُ الزَّمَانُ إِلَيْهَا، وَالْمَقْصُود التَّأْبِيد كَمَا تَقُولُ: سُبْحَانَ اللَّهِ دَوْمًا.
وَسَلَكَ بِهِ مَسْلَكَ الْإِطْنَابِ لِأَنَّهُ مُنَاسِبٌ لِمَقَامِ الثَّنَاءِ. وَجَوَّزَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ أَن يكون فَسُبْحانَ هُنَا مَصْدَرًا وَاقِعًا بَدَلًا عَنْ فِعْلِ أَمْرٍ بِالتَّسْبِيحِ كَأَنَّهُ قِيلَ: فَسَبِّحُوا اللَّهَ سُبْحَانًا.
وَعَلَيْهِ يَخْرُجُ مَا رُوِيَ أَنَّ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ: هَلْ تَجِدُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسَ فِي الْقُرْآنِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ إِلَى قَوْلِهِ وَحِينَ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 21  صفحه : 65
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست